تخطى إلى المحتوى

من إغتــال فعلا رفيق الحريري والرائد وسام عيد؟ الكشف عن تحقيق علمي في تحليل داتا الإتصالات

7 أكتوبر 2012

يتضمن هذا التحقيق الجديد معطيات غير متوفرة على شبكة الأنترنت وهو تحقيق صاعق يهدف إلى تسليط الضوء على الهدف من إغتيال الرائد وسام عيد عن طريق توسيع دائرة التحقيق وليس حصرها فقط بما تم الترويج له في وسائل الإعلام حتى الآن بأن وسام عيد تم قتله لأنه توصل إلى خيوط تدل على منفذي إغتيال رفيق الحريري. وهذا التحقيق هو تحقيق موضوعي ومحايد بعيدا عن السياسة ولا يهدف إلى الدفاع عن الطبقة السياسية الحالية في لبنان سواء أكانت من قوى 14 آذار أو من قوى 8 آذار، بل الهدف هو الإضاءة على نقاط تدل على المتورطين في إغتيال رفيق الحريري ووسام عيد وغيرهما عن طريق التعمق بالتحليل العلمي والتحقيق العكسي بإستخدام الوقائع والأحداث التي حصلت بعد إغتيال رفيق الحريري للإستدلال على من عمل على تضييق زاوية التحقيق وتوجيه الأنظار بإتجاه محدد فقط يتناسب مع الأهداف السياسية الدولية التي لا تريد الإستقرار للبنان.

تم إغتيال المهندس في شعبة المعلومات الرائد وسام عيد في 25 كانون الثاني 2008 في منطقة الحازمية بإنفجار إستهدف سيارته أثناء توجهه للقاء أحد المحققين الدوليين في قضية إغتيال رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري. بعد الإغتيال مباشرة، تم الكشف للرأي العام اللبناني بأن المهندس وسام عيد كان يعمل على تحليل داتا الإتصالات في عملية إغتيال رفيق الحريري، وسارعت بعد ذلك بعض قوى 14 آذار إلى الترويج بأن الرائد وسام عيد تم إغتياله لأنه توصل إلى خيوط تدل على المتورطين في الإنفجار الذي إستهدف موكب رفيق الحريري في 14 شباط 2005 علما بأن وسام عيد، بحسب جريدة السياسة الكويتية، تم قتله بعد 8 أيام من وصول فريق من المحققين البريطانيين إلى تقريره الذي إستخدم فيه نظرية الإقتران الزماني والجغرافي في محاولة منه لتحديد هوية أصحاب الهواتف التي يشتبه بإستخدامها يوم إغتيال رفيق الحريري. اللافت في الموضوع أن لجنة التحقيق الدولية كان بحوزتها تقرير شعبة المعلومات منذ أيار 2006 ولم تهتم له ولكن إنتبهت إليه في أواخر عام 2007 (بعد حرب تموز 2006) بالتزامن مع نهاية حقبة رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج براميرتس وبداية حقبة مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بلمار‎. فإذا كان وسام عيد سلم تقريره عام 2006 إلى لجنة التحقيق الدولية، فلماذا تم إغتياله عام 2008؟‎

وقائع منشورة عن التحقيق الدولي من ديتليف ميلتس إلى دانيال بلمار:
سلم فرع المعلومات تقريره عن تحليله لبيانات الإتصالات في أيار 2006 إلى مدعي عام التمييز آنذاك سعيد ميرزا الذي بدوره سلم التقرير إلى لجنة التحقيق الدولية. وهذا بعض ما نشرته جريدة الأخبار بتاريخ 18 آب 2011 العدد 1490 وهو يجمع ما بين التقرير الذي نشره تلفزيون هيئة الإذاعة الكندية CBC في 21 تشرين الثاني 2010 والقرار الإتهامي الصادر عن المحكمة الدولية بتاريخ 10 حزيران 2011 والذي تم الإعلان عنه في 30 حزيران 2011 وكان قد غطى بلمار الأرقام الهاتفية بالحبر الأسود.
«««القرار الاتهامي مبني على استنتاجات مبنية بدورها على التقاطعات المكانية والزمانية لأرقام الهواتف الخلوية. وهذه التقاطعات حددها المحققون اللبنانيون ابتداءً من نيسان 2005. حينذاك، توصل الفرع التقني في مديرية استخبارات الجيش (كان برئاسة العقيد غسان الطفيلي) إلى تحديد ثمانية أرقام هواتف (يسميها بلمار الشبكة الحمراء) هي: 3123741، 3125636، 3127946، 3129652، 3129678، 3129893، 3292572، 3478662. وهذه الأرقام لم تتواصل إلا بعضها مع بعض. وتركزت اتصالاتها يوم الإغتيال على منطقتي ساحة النجمة وموقع الإغتيال وما بينهما، وصولا إلى ما قبل تنفيذ الإغتيال. واستُخدم ستة أرقام من الأرقام الثمانية المذكورة بكثافة. وقبل نهاية نيسان 2005، سلم الطفيلي تقريراً مفصلاً عن نتائج عمله لمدير استخبارات الجيش العميد جورج خوري. لاحقاً، أقصيت مديرية استخبارات الجيش عن التحقيق الذي تولاه فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. المحققون اللبنانيون، وزملاؤهم في لجنة التحقيق الدولية عجزوا عن معرفة مستخدمي الشبكة الحمراء. فهؤلاء، خلال مراقبتهم لموكب الرئيس رفيق الحريري خلال الأيام السابقة لاغتياله، لم يتركوا ثغرات في إستعمال الهواتف لتحديد هويتهم. لجأ النقيب وسام عيد إلى أسلوب جديد لمحاولة إحداث خرق. بحث عن أرقام الهواتف التي تقاطعت حركتها المكانية والزمانية مع حركة الشبكة الحمراء. والمقصود بالتقاطع هو أن يكون رقم هاتف ما قد تحرك في منطقة معينة في وقت قريب من وجود هاتف آخر في المكان ذاته. وإذا تكرر هذا التقاطع، يستنتج المحققون أن شخصاً واحداً يستخدم الرقمين.
وبناءً على هذه النظرية، حُدِّدت شبكة هواتف خلوية مؤلفة من 18 رقماً (يسميها بلمار الشبكة الخضراء) هي الآتية:
3140023، 3140050، 3140064، 3140032، 3140049، 3140026، 3155992، 3159300، 3140029، 3140260، 3140034، 3140046، 3150071، 3140030، 3140048، 3140280، 3140290، 3150065.
توصل فرع المعلومات إلى هذه الشبكة قبل نهاية عام 2005، ليتوصل بعدها مباشرة إلى تحديد شبكة مؤلفة من 18 رقماً آخر (يسميها بلمار الشبكة الزرقاء) هي:
03071233، 03079501، 03043585، 03067324، 03067322، 3020967، 3846965، 3085338، 3071235، 3872349، 3872354، 3197610، 3197817، 3198864، 3193428، 3196742، 3196813، 3198940.
وبالتزامن مع تحديد هذه الشبكات الثلاث، حدد محققو فرع المعلومات شبكة رابعة (يسميها بلمار الشبكة الصفراء) تضم الأرقام الآتية:
3345457، 3376078، 3205294، 3379513، 3199120، 3464763، 3468669، 3831170، 3712024، 3971933، 3960809، 3983932، 3791425.
لكن الشبكة الأخيرة كانت قد أخرجت من الخدمة منذ ما قبل اغتيال الحريري بنحو شهر كامل.
وفي أيار 2006، ختم فرع المعلومات تحقيقاته في هذا المجال، وأرسل الملف الذي في حوزته إلى المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، ومنه إلى لجنة التحقيق الدولية.
بقي هذا الملف مهملاً في أدراج اللجنة، إلى أن ترأسها دانيال بلمار نهاية عام 2007. لكن النقيب وسام عيد كان لا يزال يستكمل تحقيقاته في هذا المجال. وبعد وصول بلمار، أُعيد فتح الملف بقوة، وبوشرت تحقيقات إضافية بشأنه. وبعد اغتيال وسام عيد (كانون الثاني 2008)، عاد فرع المعلومات وأجرى تحقيقات إضافية، وأرسل النتائج التي توصل إليها إلى لجنة التحقيق الدولية.
ونتيجة للتحقيقات اللبنانية والدولية، حُدِّدت الشبكة الخامسة (يسميها بلمار الشبكة الأرجوانية) وتضم الأرقام الثلاثة الآتية:
“03618254، 03261341، 03628231”.
التقاطعات الجغرافية والمكانية أيضاً أوصلت المحققين إلى تحديد هذه الأرقام، قبل ربطها بأسد صبرا وحسين عنيسي، اللذين رُبطا، بحكم التقاطعات ذاتها، بأحمد أبو عدس واختفائه والشريط المسجل عن اغتيال الحريري.
لاحقاً، حصل المحققون على «معلومات» عن مكان إقامة كل من مصطفى بدر الدين وسليم عياش، و«أرقام هواتفهما الشخصية». ومجدداً، تؤدي التقاطعات دورها، فيستنتج المحققون أن مصطفى بدر الدين كان يستخدم الرقم «الأخضر» “03140023” ويتصل بواسطته بعياش الذي يستخدم الأرقام الآتية: “03123741” من الشبكة الحمراء و “03159300” من الخضراء و “03071233” من الزرقاء. وكان التواصل بين الرجلين، بحسب استنتاج المحققين، يجري من خلال رقمي الشبكة الخضراء.
أمر آخر يستند إليه بلمار في اتهامه، ولم يكن للمحققين الدوليين أي صلة بالتوصل إليه، هو عملية شراء الميتسوبيشي. ففيما كان المحققون الدوليون في بداية عام 2006 يبحثون عن الشاحنة في اليابان، تمكن محققو فرع المعلومات من تحديد كيفية دخولها لبنان والمعرض الذي بيعت منه في منطقة البداوي الشمالية. وبناءً على التقاطعات الجغرافية والزمانية، حُدِّد الرقمان “03197610” و03197817 (من الشبكة الزرقاء) اللذان تحركا في مناطق البداوي وطرابلس والميناء يوم 25/1/2005 (اليوم المتوقع لشراء الميتسوبيشي بحسب سجلات معرض السيارات)، وكان الأول منهما على تواصل مع الرقم “03071233” المنسوب إلى عياش»»».

معطيات هامة……ومن ثم تم محو أثر الإتصالات:
** الشبكة الخامسة للهواتف الخلوية تم التوصل إليها بعد إغتيال المهندس وسام عيد وهي الشبكة الأرجوانية التي بناء عليها تم ربط الشبكات الأخرى وإتهام أربعة أعضاء من المقاومة في إغتيال رفيق الحريري.

** قالت شبكة سي-بي-سي الكندية في تقريرها الذي نشرته في 21 تشرين الثاني 2010 بأن المشكلة وبحسب مصادر عديدة تكمن بتحويل تحليل داتا الإتصالات إلى براهين مقبولة تصمد في المحكمة. ويضيف التقرير بأن اللجنة الفنية التابعة للجنة التحقيق الدولية لم تحرز أي تقدم منذ منتصف العام 2009 من حيث إيجاد أدلة ملموسة تؤكد تحليل حركة الإتصالات التي قام بها المهندس وسام عيد.

** شركة ألفا: في 11 شباط 2008 أي بعد أسبوعين من إغتيال وسام عيد وقعت شركة ألفا عقدا مع شركة نوكيا-سيمنز لتبديل محطات الخلوي في بيروت من نوع أريكسون بأجهزة من نوع نوكيا بناء على طلب من وزارة الإتصالات التي كان يرأسها الوزير السابق للإتصالات مروان حمادة.
في 11 تشرين الثاني 2008 تعلن شركة ألفا برئاسة إينيكي بوتر آنذاك إنتهاء تبديل المحطات الخلوية في بيروت في وقت قياسي؛ فتم تبديل 300 محطة من نوع أريكسون بأجهزة من نوع نوكيا-سيمنز خلال فترة أربعة أشهر. وكان العمل قد بدأ في صيف عام 2008 وإنتهى في تشرين الثاني 2008.
بعد ذلك لم يجدد جبران باسيل عقد الإدارة لشركة فال-ديتي التي كانت تدير ألفا، وأدخل شركة أوراسكوم في بداية عام 2009 ليبدأ بوضع خطة توسيع للشبكة وتبديل السنترالات…وهكذا تم محو أثر الإتصالات.

*** تسارع الأحداث: تم توقيف أديب العلم في 11 نيسان 2009 من قبل شعبة المعلومات وبدأت حملة توقيف العملاء المزعومين بالعشرات بناء على تحليل داتا الإتصالات. في 29 نيسان 2009 أطلق دانيال بلمار سراح الضباط الأربعة “جميل السيد، ريمون عازار، علي الحاج ومصطفى حمدان”. في 23 أيار 2009 نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية أول تسريب علني عن توجه المحكمة الخاصة بلبنان إلى إتهام المقاومة في إغتيال رفيق الحريري بناء على داتا الإتصالات. وإستمر مسلسل توقيف ما يسمى العملاء من قبل شعبة المعلومات والتي صارت تتنافس مع إستخبارات الجيش وتقاسم الأدوار في ظل تشجيع من الطبقة السياسية ودون الإنتباه إلى الهدف الحقيقي من وراء ذلك أو تعمدوا فعل ذلك بهدف تشجيع المحكمة الخاصة بلبنان في توجيه الإتهام إلى المقاومة بناء على الداتا بعد إقرارها بها.

*** شبكة ال13: محضر التحقيق رقم 17/302 تاريخ 3 كانون الأول 2006 الذي أجرته شعبة المعلومات مع أحد أفراد المجموعة ال13 التي تم القبض على عناصرها ما بين أيلول 2005 وبداية عام 2006 في إطار البحث عن أحمد أبو عدس، وهو السعودي المسمى “فيصل أكبر” الذي إعترف بمشاركته في إغتيال رفيق الحريري ومن ثم تراجع. اللافت جدا بأن فيصل قدم معلومات عن طريقة إحضار السيارة المفخخة قبل سنة من وصول المحققين إلى النتيجة ذاتها. وهذا فيصل حدد شقة في الضاحية الجنوبية (المريجة) أستخدمت للتحضير للإغتيال. وقال بأنه رافق شخصا مسمى “جميل” إلى منطقة عين المريسة في يوم إغتيال رفيق الحريري حيث كان المدعو جميل يتلقى إتصالات من فريق مراقبة مؤلف من خمسة أشخاص. بالإضافة إلى أن محاضر التحقيق تنقل عن فيصل قوله بأن شاحنة الميتسوبيشي التي فخخت وفجرت بموكب الحريري تم شرائها من منطقة شمال لبنان. وعندما سأل عن عدد الهواتف الخلوية المستخدمة قال بأنها سبعة، 5 مع المراقبين، وهاتف مع جميل وهاتف معه. وهو عدد الهواتف المتطابق مع الشبكة الحمراء التي يرجح أنه أستخدم منها 6 بكثافة وأثنين للإحتياط. واللافت أيضا أن وسام عيد كان على علم بالتحقيق مع فيصل وكان المحققون يظنون بأنهم توصلوا إلى معرفة من قتل رفيق الحريري، ولكن…أقفل هذا الملف بطريقة طرحت علامات إستفهام كثيرة وخاصة عن طريقة تراجع فيصل عن إعترافه. والتبرير الذي أعطي عن تطابق إعترافات فيصل عن عدد الأرقام الخلوية وعن وجوده في منطقة عين المريسة كان غير مقنعا عندما قال أحد الأمنيين بأنه كان فيصل قد قرأ تقرير لجنة التحقيق الدولية بحد زعمهم. هذا فيصل صرح بتفاصيل تتطابق مع ما توصل إليه وسام عيد من خلال إشتباهه بالشبكة الحمراء المؤلفة من ثمانية هواتف. فإذا كان فيصل قرأ تقرير لجنة التحقيق الدولية، فكيف حفظ التفاصيل الدقيقة التي أقنعت ستة محققين من شعبة المعلومات الذين كانوا قد إقتنعوا بتوصلهم إلى معرفة من قتل رفيق الحريري ومن أين أتى فيصل بالمعلومة عن مصدر شاحنة الميتسوبيشي التي تبين بعد أشهر عدة تطابق كلامه مع ما توصل إليه المحققين بأن المصدر هو شمال لبنان! من هنا بدأ يتكشف لغز بأن المحكمة الخاصة بلبنان وشعبة المعلومات لم يكن لديها توجه إلى توجيه الإتهام في إغتيال الحريري إلى خلايا لها صلات بتنظيم القاعدة (بحسب ما تم تسريبه) ولو مع وجود أدلة، بل كان التوجه وبمساعدة بعض قوى 14 آذار والأجهزة الأمنية إلى توجيه الإتهام إلى فريق سياسي محدد يتناسب مع الأهداف السياسية الدولية للبنان بعد حرب تموز 2006 ولو بدون دليل أو بناء على تحليل داتا الإتصالات وليس بناء على معلومات داتا الإتصالات مما يؤشر إلى مدى تورط الكثير من السياسيين في لبنان بتنفيذ المخططات الدولية ولو على حساب التغطية على منفذي الإغتيالات في لبنان…وهذا بيار الجميل قتل ويوجد إعترافات من جماعة شاكر العبسي ولكن يوجد بعض السياسيين في لبنان لا يريدون أن يسمعوا ولا يريدون أن يروا بسبب شهوتهم للسلطة! فمن يراجع محضر التحقيق مع فيصل وغيره، يندهش بما إعترف به وكيف تراجع لدى شعبة المعلومات تحت ذريعة “تعرضه للضغط” بينما غيره تم تعذيبه جسديا ونفسيا وتمت فبركة ملفات لهم لأهداف سياسية ولم تقر الأجهزة الأمنية ولا المحكمة العسكرية بالتعذيب لأن الأوامر هكذا…

*** داتا الإتصالات: على أثر إنتباه المقاومة إلى جدية توجه المحكمة الخاصة بلبنان إلى إتهامها في إغتيال رفيق الحريري بناء على داتا الإتصالات، بدأ الترويج لمزاعم التلاعب بالداتا عن طريق عملاء محتملين في قطاع الإتصالات وتحديدا في قطاع الخلوي. فإستمرت شعبة المعلومات وإستخبارات الجيش بالقبض على مشتبه بهم بالعمالة إلى 24 حزيران 2010 تاريخ توقيف الموظف في شركة ألفا شربل القزي. وقبل صدور قرار ظني بالقزي، بدأ التصفيق لمخابرات الجيش من قبل الطبقة السياسية آنذاك وبدأت من جهة تعلو الصرخات بإعدام العملاء ومن جهة أخرى كانت بداية الترويج بأن الموساد إخترق شبكة الإتصالات ويستطيع التلاعب بالداتا. وبعد ذلك تآمرت إستخبارات الجيش بالتنسيق مع شركة ألفا على المهندس طارق الربعة إبن الطريق الجديدة الذي نزلت عائلته إلى الشارع وفضحت فبركات المخابرات التي تورطت بسبب ضغط المسمى حزب الله على الأجهزة الأمنية لتوقيف موظفين في قطاع الإتصالات كخطوة إستباقية للرد على إتهام المقاومة في إغتيال رفيق الحريري. بعد الربعة تم توقيف المهندس في شركة أوجيرو ميلاد عيد الذي أطلق سراحه بعد حوالي الشهرين من السجن لأنه يعمل في شبكة الهاتف الثابت وليس في مجال الخلوي ومن ثم تم توقيف فايز كرم وخفتت بعد ذلك حملة التوقيفات بينما صار التركيز على التشهير إعلاميا بالمهندس طارق الربعة وإستغلال توقيفه للقول بأنه تم التلاعب بالداتا. فتبين لاحقا بأن الربعة لا علاقة له بالداتا ولم يعترف بالعمالة، وإنما تم خطفه بالخداع وتعذيبه بناء على شبهة مركبة بإستخدام رقم فرنسي دولي تبين لاحقا بأنه رقم عادي لشركة تاكسي في فرنسا. وبالرغم من هذا كله خرج غالبية العملاء من السجن وخاصة سعيد العلم الذي إستخدمت إسمه المقاومة من ضمن القرائن للترويج بأن الموساد متورط في قتل الحريري.
وحتى اليوم ما زال ملف ما يسمى العملاء يروج له من قبل فريق 14 آذار للقول بأن الداتا لم يتم التلاعب بها وللدفاع عن شعبة المعلومات، بينما المقاومة تستغل نفس الملف للتشكيك بالداتا وعدم تسليمها للأجهزة الأمنية. واللافت أيضا أن المحكمة العسكرية تخضع للسياسة أيضا، فيطلب منها إصدار أحكام بالموقوفين على الأقل حكما بإكتفاء مدة التوقيف ولو لم يكن الموقوف عميلا وحتى لو كان بريئا وذلك حتى لا ينعكس ذلك تشكيكا بعمل الأجهزة الأمنية في لبنان التي تعتمد على تحليل داتا الإتصالات وبالتالي حتى لا يتم التشكيك بالشبكة الأرجوانية التي حددتها شعبة المعلومات بعد إغتيال وسام عيد. ونشرت إحدى الصحف اللبنانية مؤخرا سلسلة مقالات تدافع فيها عن شعبة المعلومات وتقول تحديدا بأنه لم يحكم أحدا من الموقوفين بتهمة التعامل بالبراءة، في إشارة واضحة إلى عدم إرتكاب شعبة المعلومات خطأ في تحليل الداتا وبالتالي لعدم التشكيك بتحليل حركة الإتصالات التي سلمتها شعبة المعلومات إلى المحكمة الخاصة بلبنان. من ناحية أخرى، كشفت عائلة المهندس الربعة مستندات عبر محطة ال أم-تي-في فضحت فيه جهاز مخابرات الجيش ومخطط المقاومة وكيف أن المهندس طارق الربعة بريء من تهمة العمالة ولكنه كان ضحية الحرب الظاهرية بين المحكمة الخاصة بلبنان التي تتهم المقاومة بناء على الداتا وتساندها بذلك قوى 14 آذار بذريعة القبض على العملاء، والمقاومة التي تشكك بالداتا بإستخدام ذريعة عملاء الإتصالات المزعومين. فالمقاومة بدلا من أن تنفذ مخططتها الطويل الذي إمتد منذ عام 2008 وحتى عام 2012 لتتذرع بالعملاء المزعومين للرد على المحكمة الدولية كان بإمكانها بسهولة أن تطلب دليلا قاطعا من المحكمة، لأن تحليل داتا الإتصالات ليس بدليل قاطع. فالداتا لم يتم التلاعب بها إنما تحليلها يحتمل الخطأ والمهندسون الخبراء في المحكمة الخاصة بلبنان يعلمون ذلك جيدا وتم الإعلان عن ذلك عبر شبكة سي-بي-سي الكندية بأن المحكمة تبحث عن كيفية تحويل تحليل داتا الإتصالات إلى إثبات يصمد في المحكمة. ولكن ردة فعل المقاومة بإعتبارها الشبكة مخترقة كان بمثابة إعتراف غير مباشر منها بدليل الإتصالات، وكأنها تقول بأن الإتصالات هي دليل ولكن في لبنان لأنه يوجد عملاء إتصالات بزعمهم، فهي إذا مخترقة من الموساد ولذلك فهي دليل مفبرك. فالمحكمة إنتبهت بأن المقاومة إقرت بطريقة غير مباشرة بإعتبار تحليل الداتا دليل، فتريثت قليلا وأصدرت القرار الإتهامي في 30 حزيران 2011 بناء على داتا الإتصالات. فردت المقاومة مجددا بأن هذه المحكمة الدولية مسيسة وأعادت الترويج لنظرية عملاء الإتصالات وتجنت مجددا على المهندس طارق الربعة وعرقلت إخلاء سبيله مما زاد الشك بهذه المقاومة بتورطها في إغتيال الحريري لأن الخبراء يعلمون بأن تحليل الداتا يحتمل الخطأ، فلماذا إذا الخوف والإصرار على نظرية إختراق الشبكة التي لم تقنع لا المحكمة الدولية ولا غالبية الشعب اللبناني بل كان الرد من نواب 14 آذار بأن العملاء ألقي القبض عليهم بناء على الداتا فكيف إذا تم التلاعب بها؟…وهكذا ضاعت الطبقة السياسية في لبنان بين الداتا وتحليل الداتا وتعدد النظريات وضاع السياسيون اللبنانيون أيضا بين ملفات المتهمين بالعمالة وطريقة عمل الأجهزة الأمنية، فتارة صار ال IMSI هو عنصر أساسي وتارة أخرى ال Cell ID هو عنصر أساسي وصار بعض النواب يشرحون الداتا على التلفزيونات وغطسوا في ال IMSI وفي تفاصيل فنية أخرى وإشتد الصراع السياسي في لبنان وذلك بسبب ما تطلبه الأجهزة الأمنية في لبنان. وإنعكس الصراع السياسي على المحكمة العسكرية التي صارت تصدر أحكاما عشوائية وإستنسابية بالمتهمين بالعمالة مما إنعكس صراعا على الشاشات أيضا، فخرج بعض النواب عن صمتهم ليقولوا كيف يحكم فايز كرم سنتين ويحكم زياد الحمصي 15 سنة…ومن ناحيته شن النائب ميشال عون حملة على شعبة المعلومات وغيره شن حملة على مخابرات الجيش، وإنعكس ذلك في محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضية أليس الشبطيني التي صارت تتفاجئ بالأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية برئاسة العميد نزار خليل آنذاك، فأخلت سبيل عدد كبير من المتهمين بالعمالة. وبسبب الإعلام المركز على تشديد الأحكام على المتهمين بالعمالة، فصار البعض يتفاجئ بإخلاء سبيل الموقوفين بتهمة العمالة لدرجة كادت أليس الشبطيني تحول إلى التفتيش بعد إتهامها بالتساهل مع العملاء، بينما هي كانت تطبق القانون بعيدا إلى حد ما عن السياسة. وهكذا إنعكس الصراع السياسي على الأجهزة الأمنية في لبنان، فصارت مخابرات الجيش تعد محسوبة على قوى 8 آذار وشعبة المعلومات محسوبة على قوى 14 آذار، وبسبب الأجهزة الأمنية أيضا، إنعكس الصراع السياسي على المحكمة العسكرية التي صارت مصنفة خاضعة لسياسة قوى 8 آذار بينما محكمة التمييز خاضعة لسياسة قوى 14 آذار… وهذا حصل بعد إغتيال رفيق الحريري وبسبب ملفات المتهمين بالعمالة الذين تم توقيف البعض منهم لأهداف سياسية تتناسب مع أهداف قوى 14 آذار لتثبيت دليل الإتصالات في المحكمة الدولية وأهداف بعض قوى 8 آذار للتشكيك بداتا الإتصالات في ظل عدم تمكن هذه الأجهزة الأمنية من توقيف أي مشتبه به في إغتيال رفيق الحريري منذ حوالي ال 7 سنوات.

فيما يلي شرح علمي عن كيفية تحليل حركة الإتصالات وتقسير االتقاطع الجغرافي والإقتران في الوقت بين الهواتف الخلوية للرد على الطبقة السياسية اللبنانية التي تتصارع حاليا على داتا الإتصالات بسبب إما الجهل في مجال الإتصالات وإما تنفيذا للتعليمات التي تأتيها من الخارج.

شرح نظرية الإقتران المكاني وإحتمالات الخطأ في التحليل وتحديد مكان الهاتف الخلوي:
** طريقة تحديد هواتف الشبكة الحمراء:
تضم الشبكة الحمراء 8 هواتف خلوية يشتبه بإستعمالها من قبل الذين كانوا يراقبون موكب رفيق الحريري قبل إغتياله. وبحسب تقرير مديرية الإستخبارات في الجيش اللبناني، 6 هواتف من أصل 8 أستعملت بكثافة يوم الإغتيال وهذه الهواتف لم تتواصل إلا مع بعضها البعض. وهذه النتيجة أكدتها شعبة المعلومات أيضا.
إن هذه النتيجة في الإشتباه بثمانية هواتف خلوية هي نتيجة مبنية على دراسة داتا الإتصالات وإرتباط هذه الأرقام بالمحطات الخلوية التي كانت موجودة آنذاك في المنطقة. لذلك، من الممكن أن تكون هذه الخطوط أستعملت في تنفيذ عملية إغتيال رفيق الحريري ولكن لم يؤكد هذه النتيجة سوى المسمى فيصل أكبر. ولكن في حال لم يتم القبض على مشتبه بهم يعترفوا بهذه النتيجة، فعندها تصبح الخطوط الثمانية مشتبه بها إلى حين تأكيدها بإعترافات أو بأدلة أخرى. بالرغم من أن قراءة داتا الإتصالات تظهر عملية تواصل غريبة بين هذه الأرقام، فإذا لم تبرز أدلة تؤكد الشبهة فيمكن أن تكون هذه الخطوط أستعملت من قبل سواح يعرفون بعضهم البعض وتواصلوا مع بعضهم لفترة قصيرة ومن ثم غادروا لبنان. ولكن، هل الهواتف والخطوط المستعملة تم ضبطها؟ هذا السؤال لم تجب عليه الأجهزة الأمنية بالرغم من سهولة ضبط الأجهزة على الأراضي اللبنانية عن طريق الرقم الدولي للجهاز المعروف بإسم IMEI. وإذا لم يتم ضبط الأجهزة على الشبكة اللبنانية بعد إغتيال رفيق الحريري فيمكن أن تكون أتلفت مما يزيد الشك بأن هذه الأرقام الخلوية أستعملت في الإغتيال. ولكن كيف تأكدت شعبة المعلومات بأن هذه الهواتف أتلفت أم لا؟ وهل دانيال بلمار وجه كتابا إلى الدول التي تستخدم نظام ال GSM وطلب منها البحث عن هذه الأجهزة؟ دانيال بلمار لم يفعل هذا، مما يعيد الشك في النتيجة التي بني عليها تحديد الأرقام الثمانية والهدف من إستعمالها لأنه لو حقق دانيال بلمار بالموضوع وتبين بأن هذه الهواتف متوفرة في أستراليا مثلا، لكان طلب التحقيق مع أصحابها لمعرفة من أين أشتروا هذه الهواتف ومنذ متى ولربما تبين بأن هذه الهواتف كانت مع سواح في لبنان إشتروا شرائح لبنانية ثم رموها بعد الإغتيال. ولو فعلا تحرى دانيال بلمار عن هذه الهواتف في الشبكات الخارجية وتبين بأنها غير متوفرة خارج لبنان، لكانت النتيجة شبه حاسمة بأن هذه الهواتف أتلفت وكانت النتيجة أكثر قوة بالإشتباه في إستعمال هذه الأرقام الثمانية في إغتيال رفيق الحريري. من ناحية أخرى، هل داتا الإتصالات التي تم إستعمالها بعد الإنفجار كانت مكتملة مع جميع أبراج الإتصالات التي كانت متوفرة مع جميع الإحداثيات؟ ومن يؤكد بأن الذين نفذوا عملية الإغتيال لم يستعملوا هواتف الثريا التي لا تمر عبر الشبكات اللبنانية بل عبر الأقمار الإصطناعية! ومن يؤكد بأن الذين نفذوا الإغتيال لم يستعملوا هواتفهم الشخصية العادية لتنفيذ العملية في وقت حصلت فيه آلاف المكالمات في المنطقة؟
بالإضافة إلى هذا كله، لم تكن هذه الخطوط الثمانية تخضع للمراقبة من قبل الأجهزة الأمنية لأنها تعرفت عليها بعد الإنفجار وليس قبله، لذلك لم تتمكن الأجهزة الأمنية في لبنان ولا الشركات الخلوية من تحديد المسافة التقريبية بين الهواتف والمحطات الخلوية عن طريق مراقبة ما يعرف بال Time Advance الذي فقدت الأجهزة الأمنية أثره نهائيا عام 2008 بتبديل محطات الخلوي التابعة لشركة ألفا بقرار من الوزير السابق مروان حمادة وأكمل على الموضوع جبران باسيل بتبديل السنترالات عام 2009. لذلك، تحديد المكان الجغرافي للأرقام الثمانية يحتمل الخطأ طالما ينقص الأجهزة معلومة المسافة الغير متوفرة مع الأجهزة الأمنية آنذاك ويحتمل أن يكون ظهر في سجلات المكالمات رقما متصل جغرافيا على محطة في منطقة عين المريسة، ولكن لا يعني جزما بأن صاحب الرقم موجودا في عين المريسة قرب المحطة بل يمكن أن يكون في منطقة أنطلياس ولكن بسبب الضغط على المحطة الخلوية في أنطلياس ممكن أن يكون قد إلتقط الإشارة من منطقة عين المريسة ويظهر في الداتا بأن صاحب الرقم كان يتصل من عين المريسة. فعندئذ وبسبب عدم توفر عنصر ال Time Advance تعتبر الأجهزة الأمنية بأن صاحب الرقم كان في عين المريسة وليس في أنطلياس بينما في الحقيقة كان صاحب الرقم في أنطلياس. وهكذا تشتبه بعض الأجهزة الأمنية ببعض المواطنين الذين يتعجبون أثناء التحقيق معهم من الأسئلة المطروحة عليهم عن ظهور داتا تشير إلى تواجدهم في مكان ما بينما المشتبه به يكون في منطقة أخرى ولكن بسبب بعض العوامل التقنية يلتقط إشارة من مكان بعيد ودون أن يدري.
هذه بعض العناصر التقنية التي يحتاج إلى معرفتها المحققون في الأجهزة الأمنية قبل التسرع في الإشتباه برقم هاتف فلان أو علتان، ولكن في لبنان عمدت بعض الأجهزة الأمنية إلى توقيف أشخاصا تم ضربهم لدفعهم إلى الإعتراف بما ينسجم مع تحليل الداتا، فمنهم من لم يعترف ومنهم من إعترف تحت التعذيب بما لم يفعله ومنهم فعلا كانت أجوبتهم تنسجم مع قراءة الأجهزة للداتا.
فكيف إذا تم تحديد عشرات الهواتف والشرائح الخلوية التي يشتبه في إستعمالها في عملية إغتيال رفيق الحريري وتم بناء شبكات حمراء وصفراء وخضراء وزرقاء وأرجوانية؟ وأكثر من ذلك، عمدت شعبة المعلومات إلى إستخدام نظرية الإقتران الجغرافي للإشتباه بأربعة أعضاء في المقاومة بناء على التحليل الذي يحتمل الخطأ، وإنسجم دانيال بلمار مع هذا التوجه لرغبته في إتهام المقاومة مع علمه بأن هذا تحليل وليس دليلا قويا، فعمد إلى إصدار قرارا إتهاميا قبل إستدعاء المشتبه بهم إلى التحقيق وستجري محاكمة المتهمين غيابيا قريبا.

** التقاطع الجغرافي والإقتران في الوقت:
يظهر في الرسم “أ” أربعة محطات خلوية قريبة من موقع الإنفجار الذي إستهدف موكب رفيق الحريري وهي على سبيل المثال المحطات A-B-C-D. والنقط الحمراء المبينة في الرسم ترمز إلى الهواتف الخلوية التي تم الإشتباه في إستعمالها قبل تنفيذ الإغتيال. على يمين الصورة، محطة خلوية مؤلفة من ثلاثة خلايا، وكل خلية مزودة بأنتين يغطي زاواية 120 درجة أفقيا. لذلك، فالخلايا الثلاثة يتم تركيبها بفاصل 120 درجة لتأمين تغطية أفقية بمقدار 360 درجة. أما من ناحية المسافة التي يصل إليها الإرسال، فتختلف بحسب عوامل عدة ومنها مجال الرؤية المباشرة بين المحطة الخلوية والأنتين، قوة الإرسال بالوات، تحديد ال Time Advance الذي يستطيع الهاتف إجراء مكالمة على تردد يلتقطه من محطة بعيدة عنه نسبيا، التشويش…فالمهندسون في قسم هندسة الراديو يحددون هذه العناصر وغيرها بناء على الهدف من تشغيل المحطة الخلوية.
فعند تركيب محطة خلوية جديدة يكون الهدف منها تأمين التغطية في منطقة محددة أو زيادة السعة في منطقة يوجد فيها إرسال ولكن يوجد فيها كثافة إتصالات أو يكون الهدف تحسين الإرسال وزيادة السعة. فبيروت تعتبر منطقة ذات كثافة إتصالات مرتفعة ويوجد فيها محطات خلوية منها للتغطية ومنها للسعة وتتداخل الترددات مع بعضها البعض وينتقل الهاتف الخلوي من تردد إلى آخر ومن محطة إلى أخرى بحسب ظروف التغطية وجودتها والسعة المتوفرة.
بناء على هذه المعطيات التقنية الهندسية، تم إستخدام الرسم-ب لتوضيح إحتمالات توزع الهواتف الخلوية على المحطات وإحتمالات الخطأ في التحليل والإستنتاج في إستخدام نظرية الإقتران الجغرافي والإقتران في الوقت بين الهواتف الخلوية.
فتم إستخدام ثلاثة محطات، المحطة ‏A والمحطة B والمحطة C ولكل محطة نطاق تغطية يختلف عن الأخرى مع بعض التداخلات في التغطية بناء على طريقة عمل النظام الخلوي. وتم إستخدام ثمانية هواتف خلوية كمقارنة مع عدد هواتف الشبكة الحمراء التي توصلت إليها إستخبارات الجيش وشعبة المعلومات أثناء تحليلهما لحركة الإتصالات والمعلومات المتوفرة بحوذتهم.
فإذا أخذنا الهواتف 1، 3، 4 و 7 يظهر في سجلات الإتصالات بأن الهواتف 1 و 3 و 4 مقترنين جغرافيا لأنهم متصلين على المحطة A بينما الهاتف رقم 7 يظهر متصل على محطة C ولكن في الواقع، الهاتف رقم 7 هو بحسب نظرية الإقتران الجغرافي مقترن جغرافيا مع الهواتف 1، 3، 4 ولكن دون أن يظهر هذا في الداتا. من ناحية أخرى، نجد عمليا الهواتف التي تعتبرها المخابرات وشعبة المعلومات مقترنة جغرافيا تبعد عن بعضها البعض كيلومترات عدة وليست في نفس المكان. فالهاتف رقم 1 يبعد 1 كلم عن المحطة الخلوية بينما الهاتف رقم 3 يبعد 3 كلم عن المحطة والهاتف رقم 4 يبعد مئة متر عن المحطة. فكيف تعتبر الأجهزة الأمنية بأن هذه الهواتف الثلاثة مقترنة جغرافيا ومع مستخدم واحد؟ فالهاتف رقم 7 ممكن بحسب النظرية المتبعة أن يظهر تارة مقترن جغرافيا مع الهواتق 1، 3، 4 وتارة أخرى مع الهواتف 6، 2، 5 وقد يظهر مقترنا جغرافيا مع الهاتف رقم 8 علما بأن الهاتف 8 يبعد 100 متر عن المحطة C بينما الهاتف 7 يبعد 5 كلم عن المحطة C وتعتبرهما الأجهزة الأمنية مقترنين جغرافيا. وقد يظهر الهاتف رقم 2 تارة مقترن جغرافيا مع الهواتف 7 و 8 وتورا مقترنا جغرافيا مع الهواتف 3، 6، 5 و 7. لذلك تعمد الأجهزة الأمنية إلى اللجوء إلى تحليل التقاطع الجغرافي مع الإقتران الجغرافي والإقتران في الوقت للوصول إلى تحليل أكثر دقة. فينظر المحللون إلى تحرك الهواتف مع بعضها البعض مقارنة مع الوقت، ومثالا على ذلك الهواتف رقم 2 و 7. فإذا تبين بأنه عند الساعة 11 مثلا كان الهاتف رقم 2 والهاتف رقم 7 متصلين على المحطة C وعند السعة 12 صاروا متصلين على المحطة B وإذا تكررت العملية أكثر من مرة، تعتبر الأجهزة الأمنية بأن الهاتفين 2 و 7 مقترنين بالمكان وبالوقت وتستنتج بأن هذين الهاتفين مستعملين من نفس الشخص. فإذا كان الهاتف رقم 7 معروف الهوية، فتعتبر بأن صاحب الهاتف رقم 2 هو صاحب الهاتف رقم 7 وهكذا تم إتهام أربعة عناصر من المقاومة في إغتيال رفيق الحريري وذلك بعد أن تم إغتيال النقيب وسام عيد. فهذه الطريقة في تحديد هوية صاحب الهاتف تحتمل الخطأ الشاسع وخاصة في ظل عدم إستخدام الهواتف الثمانية لفترة تمتد لسنين. فالعوامل المؤثرة على إتصال هاتف بمحطة ما كثيرة، والرسم ب يبين عكس ما يظهر في الداتا. فعمليا تكون الهواتف 2 و 7 مقترنة جغرافيا إلى حد ما بينما يظهر في الداتا بأن الهاتف 2 متصلا على المحطة B والهاتف 7 متصلا على المحطة C والعكس بالعكس. فليس بحوزة لجنة التحقيق الدولية أي معلومة تتعلق بالمسافة بين الهواتف والمحطات للتدقيق بنسبة الإقتران الجغرافي لأنه ممكن أن تكون في كثير من الحالات الهواتف مبتعدة عن بعضها البعض عشرات الكيلومترات وتظهر في الداتا متصلة على نفس المحطة وتعتبرها الأجهزة الأمنية مقترنة جغرافيا وتنسبها إلى شخص ما بالشك والظن. ولو حتى تمكنت الأجهزة من الحصول على المسافة ما بين الهواتف والمحطات الخلوية، فهذا لا يعني أيضا بأن هاتفين تفصل بينهم وبين المحطة 5 كلم مثلا أن يكونا متلاصقين لأن المسافة بين الهواتف والمحطات لا تدل على المسافة بين الهواتف فيما بينها، لأنه ممكن أن يكون هاتفين يبعدان عن محطة X نفس المسافة ولكن بزوايا مختلفة فيكونان متباعدين جغرافيا وليس مقترنين جغرافيا كما تزعم الأجهزة الأمنية. أما إذا كانت الهواتف تخضع للمراقبة، فمن الممكن بإستخدام برامج خاصة تحديد موقع الهاتف مع مقدار الزاوية الذي يتصل بها عبر أنتين المحطة الخلوية وهذا لم يحصل مع الأرقام الثمانية التي حددتها الأجهزة الأمنية.

لذلك، مع وجود هذه العناصر التقنية الكثيرة، تعتبر نظرية الإقتران الجغرافي والإقتران في الوقت نظرية تعتمد على التحليل الهندسي للمعطيات المسجلة في داتا الإتصالات التي يمكن أن لا تعكس الموقع الفعلي لهاتف محدد، فلذلك لا يعتبر هذا التحليل دليلا قاطعا للتسرع في إتهام فلانا أو علتانا في إغتيال رفيق الحريري بناء على هذه البيانات فقط ما لم يتم إقتران هذا التحليل بأدلة أخرى كالإعتراف أو الشهود وضبط الشرائح الخلوية والهواتف مع المشتبه به.
بناء عليه، فالشبكة الحمراء التي حددها بلمار تحتمل الخطأ الشاسع، والشبكات الخضراء والزرقاء والصفراء تحتمل الأخطاء الكثيرة. فالمحكمة الخاصة بلبنان والخبراء في الإتصالات يعلمون ذلك جيدا وكانوا يبحثون عن أدلة أخرى، ولكن لم يتوصلوا إلى أدلة تؤكد تحليل الداتا سوى إعتراف المسمى فيصل أكبر بعدد الهواتف المستعملة الذي عاد وتراجع عن إفادته لدى شعبة المعلومات بالرغم بأنه تبين لاحقا بأن ما قاله عن مصدر سيارة الميتسوبيشي توصلت إليه شعبة المعلومات لاحقا…

وفي الختام،
إن إغتيال المهندس وسام عيد كان لإشاعة أخبار بأنه توصل إلى قتلة رفيق الحريري من خلال تحليله لداتا الإتصالات، هذا التحليل الذي يحتمل الخطأ الشاسع والذي لا يعتبر بدليل قاطع. فبعد وسام عيد تم الوصول إلى الشبكة الأرجوانية ومن ثم تم تدعيم نظرية تحليل الداتا عبر توقيف عددا من المشتبه بهم بالعمالة للموساد ومن بعد ذلك تم على زعم الأجهزة الأمنية تحديد هوية المتهمين الذين إتهمتهم المحكمة الخاصة بلبنان في إغتيال رفيق الحريري في 30 حزيران 2011…فلا شبكة الإتصالات مخترقة كما زعمت وزارة الإتصالات والمقاومة عام 2010 بهدف التشكيك بالداتا ولا تحليل داتا الإتصالات يعتبر دليلا قاطعا للإتهام…

وهكذا إنشق الرأي العام اللبناني حول المحكمة الدولية التي حتى اليوم لم تتمكن من توقيف أي متهم متورط في إغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، لأن هذه المحكمة لو إستخدمت أدلة دامغة في قرارها الإتهامي بعيدا عن السياسة والإتهام السياسي لوجدت غالبية الشعب اللبناني لا يدافع عن المتورطين في الإغتيال ولوجدت الطبقة السياسية أيضا متفقة على رفع الغطاء عن المتورطين في إغتيال رفيــــــق الحــــريري…

6 تعليقات
  1. يا ريت كل السياسيين يقرأوا هالمقال ليعرفوا عنجد مين يللي اغتال الحريري ويوقفوا بقى افتراء على ناس ما لها علاقة لا بالعمالة ولا بالاغتيال ويا ريت ما يشتغلوا سياسة بهيك قضية وينتبهوا بيكفي يللي وصلنالو بلبنان من ورا هيك ناس فاسدة منتمنى تتغبر وتحل عنا بقى مش الأب يسلّم ابنه وتبقى نفس الطبقة السياسية عم تحكم وتتحكّم بهالشعب لسنوات طويلة وتزيد نسبة التهجير من لبنان لشبابنا بسبب همجية الاتهامات وعدم نزاهة الأجهزة الأمنية والمحكمة العسكرية, (((حلّوا عنا بقى.))) واتركوا يللي اتهمتوهم ظلما شو بدكن فيهم؟ دمرتوا حياتهم روحوا احبسوا المرتكبين وفكوا عن الأبراياء كأمثال طارق ربعة

  2. Reblogged this on أخبار من لبنان and commented:
    حرف التحقيق في إغتيال رفيق الحريري

أضف تعليق